فصل: السنة الثانية من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


وفيها أعني سنة خمس وستين توفي الشيخ الإمام العالم ناصر الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز القونوي الحنفي الشهير بابن الربوة رحمه الله‏.‏

كان إمامًا عالمًا بارعًا خطيبًا فصيحًا فقيهًا مناظرًا‏.‏

أفتى ودرس وأعاد وشرح الفرائض السراجية وكتاب المنارة وله عدة مصنفات أخر‏.‏

ومات بدمشق في هذه السنة وقيل في الخالية‏.‏

وتوفي قاضي القضاة نجم الدين عبد الرحيم ابن القاضي شمس الدين إبراهيم بن شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن المسلم بن عبد الله بن حسان المعروف بالبارزي الجهني الحموي الشافعي قاضي قضاة حماة بها بعد أن ولي قضاءها ستًا وعشرين سنة‏.‏

وكان مشكور السيرة في أحكامه - رحمه الله -‏.‏

وتوفي الأديب عز الدين أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن علي العباسي الشهير بابن البناء الحلبي الشاعر المشهور‏.‏

قدم إلى حلب وبها مات وسنه زيادة على سبعين سنة‏.‏

ومن شعره قصيدة أولها‏:‏ الرجز

أنفقت عمري في رجاء وصلكم ** والعصر إني بكم في خسر

وتوفي القاضي شهاب الدين أحمد ابن الصاحب جمال الدين محمد ابن الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد الحنفي الحلبي الشهير بابن العديم بحلب عن بضع وسبعين سنة‏.‏

وكان فقيهًا عارفًا بالتاريخ والأدب‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قطفوبغا الأحمدي نائب حلب بها عن نيف وثلاثين سنة - رحمه الله - وكان أميرًا جليلًا شجاعًا كريمًا‏.‏

نشأ في السعادة وولي نيابة حلب مرتين‏.‏

وتوفيت خوند طولوبيه الناصرية التترية زوجة السلطان الملك الناصر حسن ثم من بعده زوجة مملوكه يلبغا العمري في الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر ودفنت بتربتها التي أنشأتها بجوار تربة خوند طغاي الناصرية أم نوك خارج باب البرقية بالصحراء‏.‏

وكانت من أجمل نساء عصرها‏.‏

وتوفي القاضي تاج الدين أبو عبد الله محمد بن بهاء الدين إسحاق بن إبراهيم السلمي المناوي الشافعي خليفة الحكم بالديار المصرية وقاضي العسكر ووكيل بيت المال والخاص بها في يوم وتوفي القاضي صلاح الدين عبد الله بن عبد الله بن إبراهيم البرلسي المالكي محتسب القاهرة بها في يوم الخميس خامس عشرين صفر‏.‏

وهذا المحتسب هو الذي أمر المؤذنين أن يقولوا في ليلة الجمعة بعد أذان العشاء الآخرة وقبل الفجر‏:‏ الصلاة والسلام عليك يا رسول الله فاستمر ذلك إلى سلطنة الملك الظاهر برقوق حيث أمر محتسب القاهرة نجم الذين الطنبذي أن يقولوا ذلك عقيب كل أذان إلا المغرب‏.‏

واستمر ذلك أيضًا إلى يومنا هذا على ما سنبينه في وقته - إن شاء الله تعالى - ونذكر سببه ولم يكن قبل ذلك إلا الأذان فقط‏.‏

وتوفي قاضي مكة تقي الدين محمد بن أحمد بن قاسم العمري الحرازي الشافعي معزولًا‏.‏

وتوفي بالمدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - الحافظ عفيف الدين أبو السيادة عبد الله بن محمد بن أحمد بن خلف في سادس عشرين شهر ربيع الأول رحمه الله‏.‏

وكان إمامًا حافظًا متقنًا سمع الكثير ورحل البلاد وكتب وحصل‏.‏

وتوفي السلطان الملك الصالح شمس الدين صالح ابن الملك المنصور نجم الدين غازي ابن الملك المظفر قرا أرسلان ابن الملك السعيد غازي بن أرتق بن أرسلان بن إيل بن غازي بن ألبي بن تمرداش بن إيل بن غازي بن أرتق الأرتقي صاحب ماردين بها وقد ناهز السبعين سنة من العمر بعد أن دام في سلطنة ماردين أربعًا وخمسين سنة‏.‏

وتولى ماردين بعده ابنه الملك المنصور أحمد‏.‏

وكان الملك الصالح من أجل ملوك بني أرتق حزمًا وعزمًا ورأيًا وسؤددًا وكرمًا ودهاء وشجاعة وإقدامًا‏.‏

وكان يحب الفقهاء والفضلاء وأهل الخير وكان له فضل وفهم وذوق للشعر والأدب‏.‏

وكان يحب المديح ويجيز عليه بالجوائز السنية‏.‏

ولصفي الدين عبد العزيز الحلي فيه مدائح وغرر في مخلص بعض قصائده - رحمه الله -‏.‏

ومنها الكامل لم أشك جور الحادثات ولم أقل حالت بي الأيام عن حالاتها مالي أعد لها مساوئ جمة والصالح السلطان من حسناتها ملك تقر له الملوك بأنه إنسان عينيها وعين حياتها أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وستة أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا واثنا عشر إصبعًا‏.‏

وكان الوفاء ثاني عشرين توت‏.‏

والله أعلم‏.‏

 السنة الثانية من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر

وهي سنة ست وستين وسبعمائة فيها توفي العلامة قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن أحمد بن الحسين بن سليمان بن فزارة الكفري بفتح الكاف الدمشقي الحنفي قاضي قضاة دمشق بها‏.‏

وكان - رحمه الله - إمامًا بارعًا في مذهبه ماهرًا في علم العربية بصيرا بالأحكام‏.‏

باشر مدة طويلة نيابة عن والده ثم استقل بها إلى أن مات‏.‏

وكان مشكور السيرة وأفتى ودرس سنين‏.‏

وتوفي فاضي القضاة زين الدين محمد بن سراج الدين عمر بن محمود الحنفي المعروف بابن السراج بالقاهرة في ذي القعدة عن تسع وستين سنة ودفن بتربته خارج باب النصر بالقرب من تربة الصوفية رحمه الله‏.‏

وكان فقيهًا بارعًا عالمًا مفتيًا يحفظ الهداية في الفقه‏.‏

ودرس بالجامع الحاكمي وأعاد بجامع أحمد بن طولون والأشرفية وغيرهما وناب في القضاء عن قاضي القضاة جمال الدين التركماني الحنفي‏.‏

وكان معدودًا من الفقهاء العلماء‏.‏

وتوفي الخطيب أبو المعالي تقي الدين محمد بن الخطيب محمد ابن إسماعيل بن إبراهيم بن ناصح الحموي ثم الحلبي الشافعي الشهير بابن القواس بحلب عن نيف وخمسين سنة رحمه الله‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العالم العلامة قطب الدين محمد بن محمد الرازي الشافعي الشهير بالقطب التحتاني رحمه الله بدمشق عن نيف وستين سنة‏.‏

كان بحرًا في جميع العلوم لا سيما في العلوم العقلية وله تصانيف مفيدة منها‏:‏ شرح الشمسية وشرح المطالع والحواشي على كشاف الزمخشري‏.‏

وكانت تصانيفه أحسن من تصانيف شيخه العلامة شمس الدين الأصفهاني رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أرنبغا بن عبد الله الكاملي نائب غزة‏.‏

كان أصله من مماليك الملك الكامل شعبان ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون وكان خصيصًا عنده إلى الغاية‏.‏

وتوفي الأمير الشريف أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن علي بن الحسن بن زهرة الحسني الحلبي‏.‏

ولي نقابة الأشراف بحلب بعد والده - رحمهما الله تعالى - وأستقر أمير طبلخاناه بحلب مدة ثم صرف عن الوظيفتين ومات بظاهر حلب عن ثلاث وخمسين سنة‏.‏

وتوفي الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الهادي الفوي الفقيه الشافعي في يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى وقد تصدر للتدريس والإقراء رحمه الله‏.‏

وتوفي الشيخ شرف الدين محمد بن أحمد بن أبي بكر المزي الدمشقي الحريري المحدث بمصر في شعبان‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الأمير آسن قجا بن عبد الله من علي بك الناصري أحد أمراء الطبلخانات بعد ما تنقل في عدة أعمال مثل البيرة وطرسوس وغيرهما رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قماري بن عبد الله الحموي الناصري الحاجب وهو على نيابة طرطوس‏.‏

وكان من أعيان الأمراء ومن أكابر المماليك الناصرية‏.‏

وتوفي الشيخ المعمر الرحلة شمس الدين محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن يعقوب الأنصاري الخزرجي المقدسي البياني الشاهد‏.‏

كان أبوه يعرف بابن إمام الصخرة واشتهر هو بالبياني‏.‏

ولد سنة ست وثمانين وستمائة فأحضر على زينب بنت مكي في الثانية من عمره وعلى الفخر ابن البخاري في الثالثة وأسمع على أبي الفضل بن عساكر وغيره وأجاز له جماعة وحدث بالكثير‏.‏

وعمر وصار مسند عصره ورحلة زمانه‏.‏

وخرج له الحافظ تقي الدين بن رافع مشيخة وذيل عليها الحافظ زين الدين العراقي‏.‏

وكانت وفاته يوم الاثنين تاسع عشرين ذي القعدة‏.‏

وهو آخر من تأخر ممن سمع عليه شيخنا الرحلة زين الدين عبد الرحمن الزركشي الخيلي رحمه الله تعالى‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وأربعة أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وستة عشر إصبعًا‏.‏

والله أعلم‏.‏

السنة الثالثة من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر وهي سنة سبع وستين وسبعمائة‏.‏

فيها توفي الشيخ الإمام العالم العلامة قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي المصري الشافعي بمكة المشرفة في يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة ودفن بباب المعلاة بين الفضيل بن عياض وأبي القاسم القشيري ونجم الدين الأصبهاني‏.‏

ومولده بالعادلية بدمشق في سنة أربع وتسعين وستمائة رحمه الله‏.‏

وكان إمامًا عالمًا فاضلًا دينًا صالحًا‏.‏

سمع بمصر والشام والحجاز وأخذ عن الأبرقوهي والدمياطي وغيرهما من الحفاظ‏.‏

وجمع وكتب وحدث وخطب وأفتى ودرس وتولى القضاء تسعًا وعشرين سنة‏.‏

ثم استعفى وتوجه إلى مكة مجاورًا بها إلى أن مات‏.‏

وتوفي القاضي شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم أيوب العينتابي الحنفي قاضي العسكر بدمشق - رحمه الله تعالى - وبها كانت وفاته وقد جاوز ستين سنة‏.‏

وكان إمامًا بارعًا في المذهب وأفتى ودرس وشرح مجمع البحرين في الفقه في المذاهب الثلاثة في عشرة مجلدات وسماه المنبع‏.‏

وتوفي الشيخ الرضى شيخ خانقاه بيبرس الجاشنكير في ليلة الجمعة حادي عشر شهر رجب ودفن بمقابر الصوفية‏.‏

وتولى مكانه الشيخ ضياء الدين العفيفي المعروف بقاضي قرم‏.‏

رحمه الله‏.‏

وتوفي السلطان الملك المجاهد سيف الدين أبو يحيى علي ابن السلطان الملك المؤيد هزبر الدين داود ابن السلطان الملك المظفر يوسف ابن السلطان الملك المنصور عمر بن نور الدين علي بن رسول التركماني الأصل اليمني المولد والمنشأ والوفاة صاحب اليمن بعدن - رحمه الله - في يوم السبت الخامس والعشرين من شهر جمادى الأولى من هذه السنة وقيل سنة أربع وستين وولي بعده ابنه الملك الأفضل عباس‏.‏

ومولد المجاهد هذا في سنة إحدى وسبعمائة بتعز‏.‏

ونشأ بها وحفظ التنبيه في الفقه وبحثه وتخرج على المشايخ منهم‏:‏ الشيخ الإمام العلامة الصاغاني وتأدب على الشيخ تاج الدين عبد الباقي وغيرهما‏.‏

وشارك في علوم وكان جيد الفهم - رحمه الله - وله فوق في الأدب وله نظم ونثر‏.‏

وهذا المجاهد الذي ذكرنا في ترجمة الملك الناصر محمد بن قلاوون أنه أرسل إليه نجمة إلى بلاد اليمن لما خرج عليه ونازعه الملك الناصر بن الأشرف صاحب زبيد وسقنا حكايته هناك مفصلًا‏.‏

وطالت مدة المجاهد في مملكة اليمن وفعل الخيرات وله مآثر‏:‏ عمر مدرسة عظيمة بتعز وزيادة أخرى وغير ذلك وعمر مدرسة بمكة المشرفة بالمسجد الحرام بالجانب اليماني مشرفة على الحرم الشريف‏.‏

وقد استوعبنا ترجمته في المنهل الصافي بأطول من هذا إذ هو كتاب تراجم‏.‏

والله أعلم‏.‏

وتوفي الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الظاهر المعروف بابن الشرف الحنفي الفقيه خطيب جامع شيخون‏.‏

وكان من أعيان الفقهاء وله مشاركة وفضل‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بطا بن عبد الله أحد أمراء الطبلخانات وقرئ على قبره بعد موته ألف ختمة شريفة بوصيته هكذا نقل الشيخ تقي الدين المقريزي‏.‏

رحمه الله‏.‏

وتوفي الشيخ المحدث العالم العلامة شمس الدين أبو الثناء محمود بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي ثم الدمشقي التاجر‏.‏

ومولده في سنة سبع وثمانين وستمائة ومات في ذي الحجة‏.‏

رحمه الله‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام أحد فقهاء المالكية خليل بن إسحاق المعروف بابن الجندي الفقيه المالكي - رحمه الله - في يوم الخميس ثاني عشر شهر ربيع الأول‏.‏

وكان فقيهًا مصنفًا‏.‏

صنف المختصر في فقه المالكية وغيره‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وأربعة أصابع‏.‏

ومبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وستة عشر إصبعًا‏.‏

والله تعالى أعلم‏.‏

السنة الرابعة من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر وهي سنة ثمان وستين وسبعمائة‏.‏

وفيها كانت وقعة يلبغا العمري الخاصكي صاحب الكبش ومقتلته وسلطنة آنوك بجزيرة الوسطى ولم يتم أمره ولا غد من السلاطين وقد تقدم ذكر ذلك كله مفصلًا في ترجمة الملك الأشرف هذا فلينظر هناك‏.‏

وفيها توفي قاضي القضاة أمين الدين أبو محمد عبد الوهاب بن أحمد بن رهبان الدمشقي الحنفي قاضي قضاة حماة وبها توفي وهو من أبناء الأربعين رحمه الله‏.‏

وكان فقيهًا عالمًا مشكور السيرة‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العالم المسلك العارف بالله تعالى عفيف الدين أبو محمد وقيل أبو السيادة عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن فلاح اليماني اليافعي نزيل مكة وشيخ الحرم وإمام المسلكين وشيخ الصوفية في ليلة الأحد العشرين من جمادى الآخرة بمكة المشرفة ودفن بالمعلاة بجوار الفضيل بن عياض‏.‏

ومولده سنة ثمان وستين وستمائة تقريبًا وسمع الكثير وبرع في الفقه والعربية والأصلين واللغة والفرائض والحساب والتصوف والتسليك وغير ذلك‏.‏

وكان له نظم جيد كثير دون منه ديوان‏.‏

وله تصانيف كثيرة منها‏:‏ روض الرياحين في حكايات الصالحين وتاريخ بدأ فيه من أول الهجرة وأشياء غير ذلك ذكرناها مستوفاة في ترجمته في تاريخنا المنهل الصافي وما وقع له مع علماء عصره بسبب قصيدته التي أولها حيث قال في ذلك‏:‏ الطويل قال‏:‏ ومن شعره أيضًا قصيدته التي أولها‏:‏ الطويل قفا حدثاني فالفؤاد عليل عسى منه يشفى بالحديث غليل أحاديث نجد عللاني بذكرها فقلبي إلى نجد أراه يميل بتذكار سعدى أسعداني فليس لي إلى الصبر عنها والسلو سبيل ولا تذكرا لي العامرية إنها يوله عقلي ذكرها ويزيل ومنها المخلص‏:‏ ألا يا رسول الله يا أكرم الورى ومن جوده خير النوال ينيل ومن كفه سيحون منها وجيحن ودجلة تجري والفرات ونيل مدحتك أرجو منك ما أنت أهله وأنت الذي في المكرمات أصيل فيا خير ممدوح أثب شر مادح عطا مانح منه الجزاء جزيل وتوفي الشيخ الإمام العالم المسلك الصوفي العارف بالله تعالى المعتقد جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن عبد الله بن عمر بن علي بن خضر الكوراني الأصل المصري الدار والوفاة المعروف بالشيخ يوسف العجمي بزاويته بقرافة مصر الصغرى في يوم الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول وقيل‏:‏ جمادى الأولى وقيل‏:‏ يوم الأحد النصف من جمادى الأولى ودفن بزاويته المذكورة وقبره يقصد للزيارة‏.‏

وكان - رحمه الله - شيخًا حقيقة ومقتدى طريقة‏.‏

كان إمام المسلكين في عصره وكان على قدم هائل‏.‏

كان غالب علماء عصره يقتدون به وكان له أوراد وأذكار هائلة‏.‏

انتفع بصحبته جماعة من العلماء والصلحاء والفقهاء وكان لا يأخذه في الله لومة لائم مع فضيلة غزيرة ومعرفة تامة بالتصوف‏.‏

وله رسالة سماها ريحان القلوب والتوصل إلى المحبوب‏.‏

وقد شاع ذكر الشيخ يوسف في الدنيا وأثنى عليه العلماء والصلحاء‏.‏

حكي أن الشيخ يوسف هذا دخل مرة إلى الشيخ يحيى بن علي بن يحيى الصنافيري فقام إليه الشيخ يحيى وكان لا يلتفت إلى أحد وتلفاه وهو ينشد بقوله‏:‏ الوافر ألم تعلم بأني صيرفي بلوت العالمين على محكي فمنهم زائف لا خير فيه ومنهم جائز تجويز شك وأنت الخالص الإبريز منهم بتزكيتي وحسبك من أزكي فحصل للشيخ يوسف بهذا الكلام غاية السرور والفرح‏.‏

وكان مع الشيخ يوسف ولده محمد فأقبل عليه الشيخ يحيى وأنشده فقال‏:‏ الكامل إن السري إذا سرى فبنفسه وابن السري إذا سرى أسراهما قال‏:‏ فازداد الشيخ يوسف سرورًا على سروره بهذا القول‏.‏

رحمهما الله تعالى ونفعنا وتوفي الشيخ الإمام الأديب البارع المفتن جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن صالح بن علي بن يحيى بن طاهر بن محمد بن الخطيب أبي يحيى عبد الرحيم بن نباته بضم النون الفارقي الأصل الجذامي المصري المعروف بابن نباتة بالقاهرة - رحمه الله تعالى - بالبيمارستان المنصوري في ثامن شهر صفر من السنة المذكورة‏.‏

ومولده في مصر في شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين وستمائة بزقاق القناديل‏.‏

ونشأ بمصر وبرع في عدة علوم وفاق أهل زمانه في نظم القريض‏.‏

وله الشعر الرائق والنثر الفائق‏.‏

وهو أحد من حذا حذو القاضي الفاضل وسلك طريقه وأجاد فيما سلك‏.‏

وكان خطه في غاية الحسن وديوان شعره مشهور‏.‏

وقد مدح الملوك والأعيان ورحل إلى البلاد وانقطع إلى السلطان الملك المؤيد إسماعيل صاحب حماة وله فيه غرر مدائح‏.‏

وكان مع ما اشتمل عليه من المحاسن قليل الحظ‏.‏

ومن شعره في المعنى‏:‏ الكامل أسفي لشعر بارع نظمته تحتاج بهجته لرفد بارع در يتيم قد تضوع نشره يا من يرق على اليتيم الضائع ومن شعره أيضا قوله‏:‏ السريع مقبل الخد أدار الطلا فقال لي في حبها عائبي وله أيضا‏:‏ السريع وتاجر قلت له إذ رنا رفقًا بقلب صبره خاسر ومقلة تنهب طيب الكرى منها على عينك يا تاجر وله أيضا‏:‏ الكامل قبلته عند النوى فتمررت تلك الحلاوة بالتفرق والجوى ولثمته عند القدوم فحبذا رطب الشفاه السكري بلا نوى وله أيضًا - عفا الله عنه -‏:‏ البسيط أهلًا بطيف على الجرعاء مختلس والفجر في سحر كالثغر في لعس والنجم في الأفق الغربي منحدر كشعلة سقطت من كف مقتبس يا حبذا زمن الجرعاء من زمن كل الليالي فيه ليلة العرس وحبذا العيش مع هيفاء لو ظهرت للبدر لم يزه أو للغصن لم يمس خود لها مثل ما في الظبي من ملح وليس للظبي ما فيها من الأنس مدروسة بشعاع البيض ملتمعًا ونور ذاك المحيا آية الحرس وقد استوعبنا من شعره وأحواله نبذة كبيرة في المنهل الصافي‏.‏

انتهى والله أعلم‏.‏

وتوفي الوزير الصاحب فخر الدين ماجد بن قروينة القبطي المصري تحت العقوبة بعد أن أحرقت أصابعه بالنار‏.‏

وكان - رحمه الله - وزيرًا عارفًا مكينًا عفيفًا رزينًا ذا حرمة ونهضة‏.‏

لم يل الوزارة في الدولة التركية من يشابهه‏.‏

عمر في أيام وزارته بيوت الأموال بالذهب والفضة وترك بالأهراء مغل ثلاث سنين وبعض الرابعة وذلك فوق ثلاثمائة ألف إردب وبالبلاد مغل سنتين بعد ما كان يقوم بالكلف السلطانية وكلفة الأتابك يلبغا العمري الخاصكي‏.‏

وبعد هذا كله كان يحمل إلى الخزانة الشريفة في كل شهر ستين ألف دينار‏.‏

وكان فيه محاسن كثيرة غير أنه كانت نفسه نفسًا شامخة وفيه تهكم على الناس مع تكبر هذا مع الكرم الزائد والإحسان للناس وقلة الظلم بالنسبة إلى غيره رحمه الله تعالى والله أعلم‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين دروط ابن أخي الحاج آل ملك‏.‏

كان أحد أمراء الألوف بالديار المصرية وحاجبًا ثانيًا بها‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين آقبغا بن عبد الله الصفوي أحد الأمراء الطبلخانات بالديار المصرية وأمير آخور‏.‏

وكان - رحمه الله - من أعيان الأمراء‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين آقبغا بن عبد الله الأحمدي اليلبغاوي المعروف بالجلب في أواخر السنة المذكورة وهو مسجون بثغر الإسكندرية من جرح أصابه في شهر ذي القعدة وقد تقدم ذكره في عدة مواطن‏.‏

والله أعلم‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين ألطنبغا بن عبد الله العزي أحد أمراء الطبلخانات في يوم الاثنين رابع شهر ربيع الآخر‏.‏

وكان مثيرًا للفتن‏.‏

وتوفي القاضي بهاء الدين حسن بن سليمان بن أبي الحسن بن سليمان بن ريان ناظر الجيش بحلب في دمشق عن ثمان وستين سنة‏.‏

وكان رئيسًا نبيلًا كاتبًا بارعًا‏.‏

ولي عدة وظائف وله نظم ونثر ومن شعره - رحمه الله تعالى - الرجز نحن الموقعون في وظائف قلوبنا من أجلها حرق قسمتنا في الكتب لا في غيرها وقطعنا ووصلنا في الورق وتوفي القاضي تقي الدين محمد بن محمد بن عيسى بن محمود بن عبد اللطيف البعلبكي الشافعي الشهير بابن المجد رحمه الله‏.‏

كان فقيهًا فاضلًا ولي قضاء طرابلس وغيرها‏.‏

وقد تقدم أن يلبغا العمري قتل في هذه السنة انتهى والله أعلم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وثلاثة أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعًا وستة أصابع‏.‏

بن حسين صاحب الترجمة على مصر وهي سنة تسع وستين وسبعمائة‏.‏

فيها كانت الوقعة بين الملك الأشرف صاحب الترجمة وبين الأتابك أسندمر الزيني الناصري وانتصر الأشرف حسب ما تقدم ذكره‏.‏

وفيها توفي العلامة قاضي القضاة جمال الدين عبد الله بن قاضي القضاة علاء الدين علي ابن العلامة فخر الدين عثمان بن إبراهيم بن مصطفى بن سليمان الحنفي المارديني الشهير بابن التركماني بالقاهرة في ليلة الجمعة حادي عشر شهر شعبان ودفن بتربة والده خارج باب النصر من القاهرة وتولى بعده القضاء العلامة سراج الدين عمر الهندي‏.‏

ومولده في سنة تسع عشرة وسبعمائة وقيل سنة خمس عشرة وسبعمائة وتفقه على والده وغيره حتى برع في الفقه والأصول والعربية وشارك في فنون كثيرة‏.‏

وكان من جملة محفوظاته الهداية في الفقه حتى إنه كان يمليها في دروسه من صدره وكمل شرح أبيه لها وتولى القضاء بعد وفاة أبيه وباشر القضاء بعفة وحشمة ورئاسة وتصدى للإفتاء والتدريس والإقراء سنين في حياة والده إلى أن مات‏.‏

وكان له عبادة وأوراد هائلة ومحاسن كثيرة‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي قاضي القضاة موفق الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الملك ابن عبد الباقي الحجازي المقدسي الحنبلي قاضي قضاة الديار المصرية بعد أن حكم بها ثلاثين سنة - رحمه الله تعالى - وتولى بعده القاضي ناصر الدين نصر الله العسقلاني الحنبلي‏.‏

وكان موفق الدين مشكور السيرة جميل الطريقة‏.‏

وتوفي قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمود الدرداوي المقدسي الحنبلي قاضي قضاة دمشق بها عن نيف وسبعين سنة مصروفًا عن القضاء - رحمه الله تعالى - وتوفي قاضي قضاة طرابلس شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ تقي الدين عبد الله الشبلي الدمشقي الحنفي وهو من أبناء السبعين رحمه الله‏.‏

وكان عالمًا دنيًا مجاهدًا مرابطًا يلبس السلاح في سبيل الله ويغزو‏.‏

وسمع الكثير وجمع وألف وأفتى ودرس وانتفع الناس به وباشر الحكم خمس عشرة سنة‏.‏

رحمه الله‏.‏

وتوفي قاضي قضاة حلب صدر الدين أحمد بن عبد الظاهر بن محمد الدميري المالكي - رحمه الله - عن نيف وسبعين سنة وكان فقيهًا فاضلًا مشكور السيرة‏.‏

وتوفي الشيخ العلامة قاضي القضاة بهاء الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل المصري الشافعي قاضي قضاة الديار المصرية وفقيه الشافعية - تغمده الله برحمته - بالقاهرة في ليلة الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول ودفن بالقرافة بالقرب من قبة الإمام الشافعي رضي الله عنه‏.‏

ومولده في المحرم سنة ثمان وتسعين وستمائة‏.‏

ونسبه يتصل إلى عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه‏.‏

ونشأ بالقاهرة وقرأ على علماء عصره وبرع في علوم كثيرة وصنف التصانيف المفيدة في الفقه والعربية والتفسير منها شرح الألفية لابن مالك وشرح التسهيل أيضًا‏.‏

وباشر قضاء الديار المصرية مدة يسيرة وباشر التداريس الجليلة والمناصب الشريفة‏.‏

وكتب إليه قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء السبكي من دمشق يقول‏:‏ الطويل تقضت شهور بالبعاد وأحوال جرت بعدكم فيها أمور وأحوال فإن يسر الله التلاقي ذكرتها وإلا فلي في هذه الأرض أمثال وتوفي الشيخ عز الدين أبو يعلى حمزة بن قطب الدين موسى بن ضياء الدين أحمد بن الحسين الدمشقي الحنبلي الشهير بابن شيخ السلامية بدمشق وقد جاوز ستين سنة‏.‏

وكان - رحمه الله - إمامًا عالمًا فاضلًا كتب على المنتقى‏.‏

وتوفي الإمام العالم شهاب الدين أحمد بن لؤلؤ الشهير بابن النقيب المصري الشافعي في يوم الأربعاء رابع عشر شهر رمضان‏.‏

وكان - رحمه الله - مفتنًا في علوم وله مصنفات ونظم حسن‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام المحدث صلاح الدين عبد الله ابن المحدث شمس الدين محمد بن إبراهيم بن غنائم بن أحمد بن سعيد الصالحي الحنفي الشهير بابن المهندس - رحمه الله - بحلب عن نيف وسبعين سنة‏.‏

وكان محدثًا مسندًا‏.‏

سمع الكثير بمصر والشام والحجاز والعراق وكتب وحدث وحج غير مرة وطاف البلاد ثم استوطن حلب إلى أن مات‏.‏

رحمه الله‏.‏

وتوفي القاضي علاء الدين علي ابن القاضي محيي الدين يحيي بن فضل الله القرشي العمري كاتب السر الشريف بالديار المصرية بالقاهرة في ليلة الجمعة تاسع عشرين شهر رمضان عن سبع وخمسين سنة‏.‏

وكان قبل موته نزل عن وظيفة كتابة السر لولده بدر الدين محمد فتم أمره من بعده‏.‏

وكان القاضي علاء الدين - رحمه الله تعالى - إمامًا في فنه كاتبًا عاقلًا‏.‏

طالت أيامه في السعادة حتى إنه باشر وظيفة كتابة السر نيفًا وثلاثين سنة لأحد عشر سلطانًا من بني قلاوون‏.‏

استوعبنا ذلك كله في المنهل الصافي‏.‏

قلت‏:‏ ولا أعلم أحدًا ولي كتابة السر هذه المدة الطويلة من قبله ولا من بعده سوى العلامة القاضي كمال الدين محمد بن البارزي - رحمه الله - فإنه وليها أيضًا نحوًا من ثلاث وثلاثين سنة على أنه عزل منها غير مرة وتعطل سنين كما سيأتي ذكره في ترجمته إذا وصلنا إليه إن شاء الله تعالى‏.‏

وكان للقاضي علاء الدين - رحمه الله - نظم ونثر وترسل وإنشاء‏.‏

ومن شعره‏:‏ البسيط بان الحمى لم يمس من بعد بعدكم ولا تغنت به ورقاؤه طربا قد كان يحزنني واش يراقبني واليوم يحزنني أن ليس لي رقبا وتوفي الأمير علاء الدين طيبغا بن عبد الله الناصري المعروف بالطويل نائب حلب بها في يوم السبت وقت الظهر سلخ شوال ودفن خارج باب المقام قيل‏:‏ إنه سم لأنه كان أراد الخروج عن الطاعة فعاجلته المنية‏.‏

وقد تقدم ذكره مع خشداشه يلبغا العمري الخاصكي وما وقع له معه في ترجمة الملك الناصر حسن وكيفية خروجه من الديار المصرية والقبض عليه فلا حاجة للإعادة ها هنا‏.‏

وتوفي الأتابك سيف الدين أسندمر بن عبد الله الناصري صاحب الوقعة مع الملك الأشرف شعبان محبوسًا بثغر الإسكندرية في شهر رمضان‏.‏

وقد تقدم أيضًا ذكر واقعته مفصلًا في ترجمة الملك الأشرف‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قنق بن عبد الله العزي أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية على هيئة عجيبة نسأل الله تعالى حسن الخاتمة بمحمد وآله‏.‏

وخبره أنه كان قد عصى مع أسندمر الناصري المقدم ذكره ركب معه من جملة اليلبغاوية فلما انكسرت اليلبغاوية ساق قنق هذا فرسه إلى بركة الحبش ونزل بشاطئ البركة وبقي يشرب الماء ويستف الرمل إلى أن مات فانظر إلى هذا الجاهل وما فعل في نفسه‏.‏